رجال خفيون... تل أبيب ملاذا للمثليين الفلسطينيين

الندب على خده الأيمن يحمل في طياته قصة معاناة الشاب الفلسطيني لوي (33 عاما واسم مستعار) بعد أن اكتشفت عائلته أنه مثلي الجنسية.
بعد مواجهة حاسمة مع الأهل الذين عنفوه و ضربوه بالسكينة على وجهه، هرب لوي من الأراضي الفلسطينية إلى تل أبيب حيث عاش مشردا لمدة عشرة أعوام.
لوي
واحد من ثلاثة شباب فلسطينيين (لوي، عبدو، وفارس) يروون قصتهم في فيلم
وثائقي بعنوان رجال خفيون ، عُرض الفيلم لأول مرة
عالميا في مهرجان أفلام ذات قضية الشهر الماضي، وهو مهرجان تنظمه منظمة العفو الدولية سنويا في هولندا.
يقول
مخرج الفيلم الإسرائيلي ياريف موزر أن حكاية هؤلاء الشباب أثارت اهتمامه
لأنه كمثلي لم يواجه مثل هذه الأخطار عندما خرج نفسه للعلن. هكذا يصف
موزر وضع المثليين في فلسطين:
''إذا لم تجدهم عائلاتهم أولا فان
الأمن الفلسطيني يوجه إليهم تهم بالتعامل مع إسرائيل، لهذا السبب ليس لدى
هؤلاء الرجال خيار آخر غير اللجوء إلى إسرائيل بصورة غير شرعية، وإلى مدينة
تل أبيب الأكثر تحررا على وجه التحديد. هنا يعيشون حياة مزدوجة، بلا
عنوان، بلا جواز سفر وبلا حساب بنكي، بلا أصدقاء حقيقيين، بلا عشاق حقيقيين
وتصبح تل أبيب سجنهم الجديد''.
لم تعترض السلطة الفلسطينية طريق لوي
لكنه يسترجع في مقابلة مع إذاعتنا بانفعال شديد ردة فعل أهله عندما عرفوا
بالحقيقة، بعد أن ''وصل الأهل صور حميمة لي ولحبيبي عن طريق صديق مقرب كنت
أثق به''.
استدعت العائلة لوي متظاهرة أن والده مريض، لكنه فوجئ بوالده وأخوته في حالة تأهب ''وكأنهم على وشك أن يذبحوا خروفا'' كما يروي.
''لحسن
حظي تمكنت من الهروب من المنزل، قفزا من على الشرفة العالية. هرعت إلى
الطريق السريع حيث أوقفت سيارة اصطحبتني للمستشفى لأن كنت انزف''.
بعد
هذا الحادثة أدرك لوي أن حياته لم تعد آمنة في الأراضي الفلسطينية وقرر
التسلل إلى إسرائيل. كان هذا قبل عشرة أعوام، وقبل بناء الجدار العازل ما
بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
أقام لوي في مدينة تل أبيب بطريقة غير شرعية، تعرض للاعتقال والمساءلة مرات عدة.
''أحيانا كانوا يعتقلونني لمدة شهر، وأحيانا أخرى يرحلونني إلى نقطة حدودية (محسوم) ما بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية''.
رغم خطر الاعتقال والترحيل، رجع لوي في كل مرة إلى تل أبيب، المدينة التي أحبها واعتبرها بيته الجديد.
''اسألني
عن أي شارع في مدينة تل أبيب وسأدلك عليه'' يقول لوي الذي وجد في هذه
المدينة الساحلية ملاذا آمنا ولو لفترة من الزمن هربا من انتقام أهله.
يتابع قائلا: ''تل أبيب ليست أوربا، هناك كنت أتجول شوارع المدينة كل يوم،
أتحدث مع الجميع وأسأل عن عمل''.
كيف تمكن شاب فلسطيني من الاقامة غير الشرعية لأعوام في إسرائيل ؟ وكيف ينظر للإسرائيليين الذين يحتلون قريته في الضفة الغربية؟
لوي: ''كنت دائما أتظاهر بأني إسرائيلي، واركب الحافلة المخصصة للإسرائيليين والمستوطنين فقط، دون أن يشك في احد''.
وربما
يعود الفضل لقلادته الذهبية كما يقول '' ألبس قلادة نجمة داؤود وهي قلادة
يلبسها اليهود عادة، أحلق ذقني ورأسي، وأحاول تقليد اللهجة الإسرائيلية
عندما أتحدث العبرية, هكذا لا يلاحظ أحد أن فلسطيني''.
لكن الحياة في تل أبيب لم تكن آمنة تماما.
''كنت
أعيش في حالة من الخوف الدائم، الخوف من أن تقبض الشرطة علي كوني مقيم غير
شرعي، الخوف من أن تجدني عائلتي من جديد، لم يكن لدي عنوان ثابت، ولا عمل،
ولا مال. في يوم من الأيام قررت أني أريد أن أعيش حياتي كما يجب''.
منذ عام ونصف يعيش لوي في بلد ثالث لا يريد الإفصاح عن اسمه، حيث حصل على لجوء بسبب وضعه الخاص.
''في بلدي الجديد وجدت عائلة تساعدني في شق طريقي. أعيش الآن في بلد يحترمني ويوفر لي ما احتاج، أحب بلدي الجديد''.
No comments:
Post a Comment